يوميّات

لمّ الشمل🌼

فجر يومٍ جديد
السادس من ذي الحجة
شارف العام الهجري على الانتهاء..


مرحبًا، هذه أول تدوينة لي، أتمنى ان يكون الجميع بخير، ومن لم يكن كذلك فليحاول..

قبل قرابة شهرٍ ونصف، أي بعد عيد الفطر بعدّة أيام، كان على أختي الكبرى أن تذهب مع أخي الأصغر لمدينة الرياض، هناك مركز علاج طبيعي قدّم عرضًا لمدة ثلاثة أشهر، كانت هذه المدة مناسِبةً جدًا لأخي الذي يعاني من الـ (flat feet)، لقد وُلد في شهره السابع فقط، ولذلك فهو يُعاني القليل من المشاكل الجسدية، ليست خطيرة لتلك الدرجة، لكنّها ستؤثر عليه مستقبلًا، لذلك يُبادر أمي وأبي بعلاجه سريعًا قبل أن يكبر، هو الآن في العاشرة من عمره.

وبمناسبة طول الإجازة الفظيع، قرر أبي وأمي أن تذهب بيان معه إلى الرياض ليبدأ في العلاج الطبيعي، كُنا قد سافرنا إلى الرياض قبل عدة سنوات، لنفس السبب، كان أخي يذهب إلى المركز وقد لحِظنا تحسّنًا كبيرًا على طريقة مشيه عندما عُدنا إلى جدة، لكنه ما لبث أن عاد إلى وضعه السابق، وبعد محاولات طويلة وصعبة مع عدة مراكز للعلاج الطبيعي في مدينتنا، وقد كانت متفاوتة السوء، أو أن تكلفتها غير معقولة، وجد أبي وأمي أن الرياض هي المكان الأنسب.

لم تكن بيان تودّ السفر بالطبع، لكنها فعلت ذلك لأجل أمي وأبي، أو هذا ما أعتقده، كانت دائمًا صبورة على عبدالرحمن، كانت الأقرب منه، تتابع رياضته، أكله، وكم ساعة يلعب بألعاب الفيديو، ولذلك أظن أنها كانت الأنسب.

كل من بيان وعبدالرحمن كرِه الغُربة، كانوا يقيمون في منزل عمتي، إنه منزل كبير وجميل، حسنًا، أظن أنني لم أكن سأتحمّل ذلك لأسبوعٍ واحد، أحب الهدوء، والمكان الذي اعتدت عليه، أكره أن أحس بأني غريبة في المكان الذي أقيم فيه.

عندما سافر كلّ من بيان وعبدالرحمن، في الثلث الأخير من شوال، أصبحنا أربعة في المنزل، أنس، أسامة، تالا وأنا، كان ذلك مملًا جدًا، أمي تذهب إلى الدوام في المشفى لمدّة لا تقل عن ست ساعات، أبي يعمل، المنزل هادئ إلى منتصف الليل، يعود أبي وأمي، نتناول العشاء أو نجلس للتحدث لنصف ساعة، ثم نذهب للنوم.

أتحدث عن الروتين اليومي باستثناء تالا، الأخت الصغرى ذات السبع سنوات، يا إلهي، إنها مزعجة بشكل شنيع، أنا أُحبّها كثيرًا، ولكنها تكره الهدوء، تُحب الضجيج، تُحب وجود عبدالرحمن الذي ما إن يراها يبدآن بالشّجار لأي سبب تافه، لقد ذهب عبدالرحمن، هي الآن تُحس بالوحدة، أسامة يكبرها بست سنوات، الفرق كبير بينهما لذا هي لا تتوافق معه أبدًا، أسامة يتعامل مع تالا كأي أخٍ كبيرٍ يتعامل مع أخته الصغرى، يتشاجر معها يوميًا، يُغيضها، حتى إذا ما بدأت بالصراخ والبُكاء، يشعر بالسعادة.

ولكن بعد كل هذا هي تُمضي وقتها معه، يُحبون دائمًا أن يتحدّوا بعضهم، والخاسر جزاؤه يكون فظيعًا، كأن يقوم بخدمة الآخر لمدة يومٍ كامل، كيف يفعل ذلك اثنان يكرهان بعضهما كُرهًا شديدًا، حسنًا، في النهاية هم إخوة.

بعد شهرٍ من ذهاب بيان وعبدالرحمن إلى الرياض، أحسّ أسامة بالملل الشديد، هو لا يعشق ألعاب الفيديو مثل أنس وعبدالرحمن، لذلك لم يجد شيئًا ليقضي وقته عليه، بالفعل كان عبدالرحمن، الذي يتوسط أسامة وتالا في العمر، هو المنقذُ لكلاهما.

قرر أسامة أن يُحدّث أبي بشأن الذهاب إلى الرياض، للبقاء هناك مع عبدالرحمن وبيان، وافق أبي، وحجز له تذكرة، سافر أُسامة قبل حوالي أسبوعين من اليوم.

حالة تالا تُصبح أسوء مع مرور الأيام، بهذه الإجازة التي تمتد لمدة أربعة أشهر، ماذا تفعل طفلة في السابعة من عمرها بحقّ الله؟
كانت مُعضلة بالنسبة لي، لم أتوقف عن التفكير في تالا، وجدنا أنا وأمي في النهاية أنه من الأفضل لها أن تلتحق بدار لتحفيظ القرآن.

حُلّت المشكلة بفضل الله، كانت تالا متحمسة جدًا، ذهبت إلى أول أيامها بحماسة، كما ذهبت إلى آخرها.

اقترب عيدُ الأضحى، بالطبع كان على بيان وعبدالرحمن وأسامة العودة إلى جدة، لا فائدة من المكوث في الرياض والمركز يتوقف عن الدوام أيام العيد، حجز أبي لهم التذاكر، وكان يومُ أمس هو يومُ وصولهم.

كانت أمي متحمسةً جدًا لعودتهم، على الأقل بقدر حماسة تالا، كنتُ انا مُتحمسة أيضًا، وعلى وجه العجب أنس أيضًا، الاخ “عديمُ المشاعر”، أظن أنه ستكون لي تدوينة خاصة لأنس، يا إلهي إنه غريب الأطوار، على كلّ حال، قررنا تجهيز حفلة بمناسبة عودتهم، ذهبنا لشراء الزينة والحلويات، قمنا بشراء هدايا أيضًا لكلّ واحدٍ منهم، وتكفلت تالا بكلّ ذلك!

كان موعد وصولهم في الساعة الواحدة وأربعين دقيقة، ذهب أنس وأبي لإحضارهم من المطار، بينما أنا وأمي وتالا كنا نُجهز للاحتفال، كنتُ قد أعددت كعكة أمي المفضلة، وكعكتي أيضا، إنها كعكة الموز بالشوكولاتة والجوز، آه لذيذة جدًا.

انتظرنا طويلًا لعودتهم، وعندما مللت، ذهبت لقراءة المانجا على جهاز الايباد الخاص بي، بعد لحظات جاءت تالا تصرخ “وصلوا، وصلوا”، كان أول من رأيته بيان، يا إلهي لقد اشتقت إليها فعلًا، وعبدالرحمن، لم يتغير كثيرًا ولكنه كسب القليل من الوزن، كان هذا حلم أمي، لدرجة أنها وعدته بإحضار هدية له إذا كسب كيلوين في شهرٍ واحد، بدأ المكان يعمّ بالضجيج، ضجيج الأسرة! المفضّل عندي.

كان المكان يعمّ بالضجيج وفرحة تالا، والكثير من الدفئ..
دفئُ العائلة💛

أضف تعليق